الأربعاء، شتنبر 27، 2006

السكن الاقتصادي والتحايل على القانون بتطوان



كتب/محمدالحبيب الخراز
من الظهائر الجريئة التي صدرت في عهد الحسن الثاني ظهير 15 ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيه 1992 بتنفيذ القانون :25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وهو المفهوم الجديد للسياسة العقارية والتعمير والمباني ببلادنا، بعد الانفتاح الكبير الذي شهده هذا القطاع، والتطور الحاصل الذي أخذ نموا متزايدا وإقبالا ملحوظا بوتيرة سريعة لتحديث المغرب الجديد ومسايرة القرن الواحد والعشرين .
وكان من حسناته أن أحدثت المجموعات السكنية الاقتصادية التي تشجع المنعشين العقاريين على الاستفادة من عدة امتيازات خولها لهم القانون ، وأعفاهم من عدة ضرائب إن هم ساهموا في البنايات الاقتصادية التي لا يتجاوز سعرها مائتي ألف درهم . ومعلوم أن الحسن الثاني سبق له أن أطلق شعار بناء 200.000 سكن اقتصادي في كل سنة للتخفيف من وطأة السكن الذي يحتاج فيه المغرب إلى أزيد من مليون وخمسمائة ألف شقة للتغطية السكنية في المغرب .
وقد نجحت التجربة نجاحا كبيرا حيث استطاعت مجموعة من القطاعات المتوسطة من المواطنين من الحصول على مسكن يقيهم من حرارة الكراء المرتفع الذي أخضع لسوق العرض والطلب و إلى ارتفاع مذهل في الأماكن السكنية وبكراء يتزايد سنة بعد سنة ، خصوصا من بعض المنعشين العقاريين الذين جنوا الأرباح الطائلة في غياب أية مراقبة على القطاع السكني بالمغرب .
وكان من نجاح التجربة مساهمة البنوك المغربية في تغطية وتمويل السكن الاقتصادي للمواطنين عن طريق القروض لأمد طويل وباقتطاع شهري مناسب حسب جداول الأجور المؤداة، على أن لايتجاوز ذلك مبلغ 200000 درهم لأصناف خاصة من المستفيدين ، وما فوق ذلك لأصناف أخرى التي تحصل على أجور تفوق 4000 درهم .
والظاهرة المؤلمة التي تحد من تمام هذه التجربة هي عملية التحايل التي يقوم بها بعض المنعشين العقاريين الذين لاذمة أخلاقية لهم ، أو مواطنة حقيقية، حينما يقومون بالتحايل على القانون ،ويفرضون مبالغ مالية ضخمة تفوق أحيانا الخمسة ملايين من السنتيمات يأخذونها كوعاء ضائع من الراغبين في الاستفادة العقارية للسكن الاقتصادي، تحت الترخيص لإبرام العقود السكنية . مع أن البنوك لا تعترف إلا بما هو مسجل في هذه العقود ، ولا يلتفتون إلى أية عملية أخرى أجريت بغير قانون .
وكم من ضحايا من المواطنين الذين استفادوا من السكن بسلف اقتصادي لهذه العملية ، وأدوا الملايين الضائعة الغير المحتسبة على صناديق السلف من أجل الحصول على شقة اقتصادية هم في حاجة اليها
ومازالت تجري هذه العمليات دون مراقبة أو تدخل إداري ما دام الأمر يتعلق بإرادة الطرفين ورضاهما عن كل عملية .
ولكن ما دامت البنوك هي التي تسدد القروض الاقتصادية للسكن فلماذا لا تتكفل هي نفسها بإجراء العمليات السكنية مع المنعشين العقاريين مباشرة طبق الإجراءات القانونية ووفق ما تحتويه النصوص المنظمة لهذه الطريقة ، لكي يتحرر المواطنون من أي قيد يفرضه البعض من المنعشين العقاريين في الاثمنة المطبقة، وبذلك نتحرر من جزء من الفساد الذي يسري في شريان هذه الأمة ، والذي تشتكي منه عدة طبقات .