الخميس، دجنبر 27، 2007

السلطات " تحذر" من استعمالها من طرف المتطرفين والمطلوبين للعدالة


ورشات لصنع تجويفات داخل السيارات لتهريب البشر من المغرب إلى إسبانيا

المـسـاء/الفنيدق- جـمـال وهـبي
يبقى العثور على ميكانيكي مختص بتركيب تجويف مزدوج لهياكل السيارت التي تستغل للتهريب من مدينة سبتة إلى تطوان، بمثابة البحث عن إبرة في كومة قش. هذا التخصص أصبح مراقبا أكثر بشدة من طرف السلطات نظرا لمغادرة عدة أشخاص للتراب المغربي مختبئين داخل هذه التجويفات. "لقد اتصل بنا رجال الأمن منذ مدة يحذروننا من تركيب أي تجويف مزدوج داخل هياكل بعض السيارات"، يهمس لنا أحد الميكانيكيين بأحد أزقة مدينة الفنيدق. تنبيهات رجال الأمن لمصلحي هياكل السيارات جاءت بعد تواتر عمليات تهريب الأفراد، والمهاجرين الغير الشرعيين الجزائريين، والأفارقة عبر بهذه الوسيلة، حيث أفادت بعض المصادر الأمنية بمدينة الفنيدق، بأن أجهزتها بمدينة تطوان والمضيق "فرضت" على مصلحي هياكل السيارات "الالتزام" بعد إجراء أية تعديلات إضافية في هياكل السيارات خوفا من تسرب أفراد مطلوبين للعدالة، أو تهريب عناصر جزائرية تتخذ من مدينة المضيق محطة استراحة لها قبل الانطلاق إلى أروبا. كما أن هذه الأجهزة الأمنية "تود إبقاء التعاون الأمني المغربي الإسباني ساري المفعول في محاربتها للهجرة السرية رغم التوتر الأخير في العلاقات الثنائية بين البلدين" تضيف مصادرنا، وذلك بعد تمكن عدد مهم من الأفراد من التسلل إلى مدينة سبتة عبر اتخاذهم هذه الطريقة التي لا تخلو من مغامرة، نظرا لانحباس الأكسجين داخل هيكل السيارة مما يؤدي إلى وفاة الشخص المتسلل. لكن رغم ذلك فإن آخر محاولة "ناجحة" تمت فجر يوم الثلاثاء الماضي، حيث اخترقت سيارة للدفع الرباعي الحدود المغربية وعلى متنها 12 شخصا مازالت هويتهم مجهولة لحد الآن، مما أدى بوزارة الداخلية مرة أخرى إلى إيفاد لجنة للتحقيق في الأمر. "لقد كنا نربح بعض الدراهم الإضافية من عمليات تركيب هذه الهياكل، لكن الأمور أصبحت الآن أكثر مراقبة من طرف السلطات"، يقول سعيد ليومية "المساء". سعيد شاب من مدينة الفنيدق، له تجربة خاصة في هذا النوع من "الخدمات"، فقد أصبح معروفا من لدن مهربي الأشخاص والسلع نظرا لإتقانه هذا النوع من الهياكل المزدوجة التي يمكن أن يختبئ داخلها شخص أو شخصين دون إثارة انتباه رجال الأمن. ويضيف محدثنا أنه يركبها فقط بغرض توسيع الطاقة الاستعابية للسيارات المعروفة في أوساط المهربين باسم "المقاتلة" من أجل تهريب السلع، مقابل 2000 درهم لكل عملية تجويف. لكن الواقع يكشف أن "تصميم" هذه الهياكل يبقى في معظمه بغرض تهريب الأشخاص الذين يؤدون ما بين 20 ألف و 30 ألف درهم مقابل تسريبهم إلى داخل مدينة سبتة، وإن كان البعض الآخر يملؤها بالمشروبات الكحولية والسجائر المهربة، خلال فترة "الكساد".
في حي كويلما وبعيدا عن مدينة الفنيدق، تتمركز بعض الأوراش المتخصصة في هذا النوع من الإصلاحات. حميد، اللحام والدهان في "شبه كاراج" للسيارات يصدنا بانفعال بالغ لحظة طرحنا سؤالا عليه حول إحدى السيارات التي يتم تعديل هيكلها "إنه عمل مثل أية وظيفة أخرى، لا أعرف لماذا كل هذا الإلحاح من طرفكم لمعرفة سبب الإصلاح"، يصرخ محركا اللحام بطريقة عنيفة. تظهر على أغلبية مصلحي هياكل السيارات في الآونة الأخيرة علامات توتر كبرى نتيجة لتحذير الأجهزة الأمنية لهم. ففي شهر يويوز الماضي اعتقلت مصالح الشرطة المغربية شخصا من مدينة المضيق يدعى (أيوب.ح)، باعتباره رئيس شبكة لتهريب الأشخاص من مدينة تطوان إلى سبتة مختبئين داخل تجويفات مزدوجة مقابل 20 ألف و25 ألف درهم.
يبدو أن ما سبق أن صرح به أحد المسؤولين الأمنيين بتطوان بكون هذه التجويفات "لا تشكل أية خطورة من الناحية الأمنية"، أصبح الآن يمثل كابوسا حقيقيا لهم، خصوصا بعدما حذرت تقارير استخباراتية أجنبية من تسلل عناصر متطرفة أسيوية، وجزائرية، وموريتانية إلى داخل التراب بهدف القيام بأعمال إرهابية، الأمر الذي أدى حينها، حسب مصادر إعلامية إسبانية، إلى دخول عناصر من الحرس المدني الإسباني، بتنسيق مع المغرب، إلى مدينة الفنيدق للبحث حول ورشات إصلاح هياكل مزدوجة للسيارات. ليؤكد الحرس المدني حينها أنه "كل أسبوع يتمكن 15 شخصا من بينهم مهاجرين غير شرعيين من التسلل إلى مدينة سبتة عبر هذه الوسيلة". "من الأفضل للجان التحقيق، التي توفدها مؤخرا وزارة الداخلية إلى باب سبتة ، أن تكتري مقرا لها قريبا من الحدود وذلك تخفيفا للمصاريف"، يقول ساخرا أحد المراقبين للوضع الأمني. فقد أوفدت الإدارة العامة للأمن الوطني ثلاث لجان في ظرف عشرة أيام لتحديد المسؤوليات حول الثغرات الأمنية والتنظيمية التي تشهدها "باب سبتة"، والتي يبدو أنها سوف لن تنتهي نظرا لما تعرفه من سوء التسيير والمراقبة، وذلك بعد مغادرة محمد الطيب الوزاني، الملقب بـ"النيني" للمغرب عبر هذا المعبر، حسب ما صرح به محاميه، وبعد اختراق الحدود المغربية من طرف سيارة ذات الدفع الرباعي مشحونة بأكثر من 12 شخصا، حسب مندوب حكومة سبتة المحتلة. في حين يتجاهل المسؤولون عن بوابة المغرب الرئيسية كل المذكرات والتنبيهات الموجهة إليهم، معرضين أمن وسلامة الدولة لمخاطر محدقة.